13بابه: نياحة القديس زكريا الراهب

في هذا اليوم تنيح القديس المجاهد زكريا الراهب. وكان أبوه يدعى قاريوس. وكان متزوجا غير أنه اشتاق الي الرهبنة، وكاشف زوجته بما يجول بخاطره فوافقته علي ذلك. وكان له ابن وابنه فتركهما عند أمهما وقصد برية شيهيت وترهب عند شيخ قديس هناك. وبعد قليل حدث غلاء شديد في البلاد فأخذت الزوجة ولديها وذهبت إلى البرية حيث كان أبوهما قاريوس، و شكت له ما تقاسيه من الغلاء وسلمته ولديه. أما هو فقال لها: إن الله قد قسم بيننا فخذي أنت الابنة واتركي لي الولد . فأخذتها وانصرفت وأخذ هو الصبي وأتي به إلى الشيوخ فصلوا عليه وتنبأوا عنه أنه سيكون راهبا كاملا.

وتربي زكريا في البرية تربية صالحة، وتقدم في كل فضيلة. ولحسن طلعته وجمال صورته حدث تذمر في الاسقيط بسببه. إذ قالوا: كيف يكون صبي مثل هذا في البرية بين الرهبان. فلما سمع القديس زكريا بهذا ذهب إلى بحيرة النطرون من غير أن يعلم أحدا، وخلع ثيابه ونزل في البركة وانغمس فيها عدة ساعات، فتحول لون جسمه إلى السواد وصار كالمجذوم، ثم صعد من الماء ولبس ثيابه وأتي إلى أبيه فلم يعرفه إلا بعد أن تفرس فيه جيدا، ولما سأله عن الذي غير منظره أعلمه بما فعل.

ولما كان يوم الأحد مضي مع أبيه إلى الكنيسة ليتناول الأسرار المقدسة فكشف الله للقديس إيسيذورس قس الإسقيط ما صنعه القديس زكريا، فتعجب وقال للرهبان: إن زكريا تقدم في الأحد الماضي كإنسان، أما الآن فقد صار ملاكا. وقد حاز هذا القديس جميع الفضائل وخصوصا الاتضاع فكان فيه كاملا حتى أن أباه قال عنه: إنني تحملت تعبا كثيراً في الجهاد ولكنني لم أصل إلى رتبة ابني زكريا. وأقام هذا القديس مجاهداً وناسكاً خمسا وأربعين سنة ودخل إلى البرية وهو ابن سبع سنين، فكانت أيام حياته اثنين وخمسين سنة ثم تنيح بسلام. صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديا. أمين.