9 هاتور:  اجتماع مجمع نيقية المقدس المسكوني

وفي هذا اليوم أيضا من سنة 325 ميلادية اجتمع الآباء الثلاثمائة وثمانية عشر بمدينة نيقية في عهد ملك قسطنطين الملك البار. وكان منهم رؤساء الأربعة كراسي، وهم: الأنبا الكسندروس التاسع عشر. وقد صحب معه اثناسيوس رئيس شمامسته وسكرتيره الخاص. واسطاسيوس أسقف إنطاكية. ومكاريوس أسقف أورشليم. أما سيلفستروس أسقف رومية فانه لكبر سنه لم يحضر، وأرسل اثنين من الكهنة نيابة عنه. وكان سبب اجتماع المجمع هو محاكمة أريوس الذي كان قساً بالإسكندرية، وجدف علي ابن الله الرب يسوع المسيح قائلا: أنه لم يكن مساويا لله أبيه في الجوهر. وأنه كان هناك وقت لم يكن فيه الابن. فاستقر رأي رؤساء الكنيسة علي عقد المجمع.

وكان بين هؤلاء الآباء القديسين من هو في منزلة الرسل قادراً علي إقامة الموتى، وإبراء الأسقام وعمل الآيات العظام. وفيهم من عذب في سبيل الإيمان. ومنهم من سملت عيناه، أو قطعت يداه ورجلاه، أو قلعت أضراسه، أو كسرت أسنانه، أو نزعت أظافره، أو كسرت أضلاعه، وكان من بينهم القديس المجاهد بفنوتيوس أسقف الصعيد الذي عذب كثيرا أيام دقلديانوس، إذ قلعوا عينه اليمني وحرقوا لحم ساقه اليسرى. وربطوه بالسلاسل وأخذوه إلي مقاطع الرخام. ولذلك دعي بالشهيد في الكهنة. وكان شيخاً قديساً محبوباً من الله والناس. وقد أجري الله علي يديه معجزات كثيرة حدثت بتوسلاته وصالح دعواته.

ولما اجتمع الآباء جلسوا علي الكراسي المعدة لهم. ثم جاء الملك البار قسطنطين وسلم عليهم مبتدئا بالقديس بفنوتيوس الأسقف إذ احترمه احتراماً عظيماً حتى أنه قبل بإكرام آثار جراحه. ثم وضع أمامهم قضيب الملك وسيفه قائلا لهم: "إن لكم هذا اليوم سلطان الكهنوت والمملكة لتحلوا وتربطوا كما قال السيد. فمن أردتم نفيه أو بقاءه لكم ذلك".

وحدث أن كثيرين من الذين أنار الروح القدس عقولهم. كانوا يعدون المجتمعين فيجدونهم ثلاثمائة وتسعة عشر أسقفا، وإذا عدو الكراسي المنظورة يجدونها ثلاثمائة وثمانية عشر. وذلك إتماما لقول السيد المسيح: "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" 

واستحضروا أريوس وطلبوا منه إقراره بالإيمان. فجدف وقال: كان الآب حيث لم يكن الابن. فلما أفهموه ضلاله ولم يرجع عن رأيه، حرموه هو ومن يشاركه رأيه واعتقاده. ثم وضعوا دستور الإيمان المسيحي وهذا نصه:

 1 – نؤمن باله واحد الله الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، ما يري وما لا يري.

2 – نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للآب في الجوهر الذي به كان كل شيء.

3 – هذا الذي من أجلنا نحن البشر من أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسد من الروح القدس، ومن مريم العذراء تأنس.

4 – وصلب عنا علي عهد بيلاطس البنطى، وتألم وقبر.

5 – وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب.

6 – وصعد إلى السموات وجلس عن يمين الآب.

7 – وأيضا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، الذي ليس لملكه انقضاء.

وبعد ذلك لما اجتمع مجمع المائة والخمسين بمدينة القسطنطينية لمحاكمة مقدونيوس عدو الروح القدس، كملوا بقية هذا الدستور فقالوا:

8 – نعم نؤمن بالروح القدس، الرب المحيي المنبثق من الآب، نسجد له ونمجده مع الآب والابن، الناطق في الأنبياء.

9 – وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية.

10 – ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا.

11- وننتظر قيامة الأموات.

12 – وحياة الدهر الآتي.

ومنعوا من أن يزاد عليه أو ينقص منه، وأمروا كافة المؤمنين بقراءته. كهنة وشعبا وشيوخا وصبيانا ونساء ورجالا. وأن يتلى في القداسات والصلوات. وبعدما حرم آباء مجمع نيقية أريوس وأبعدوه عن الكنيسة ووضعوا دستور الإيمان، أصدروا قرارات أخري فيما يلي:

أولاً: فيما يختص بميليتس أسقف أسيوط الذي قاوم رئيسه القديس بطرس الشهيد البابا الإسكندري. فقد قرر المجمع حقوق بطريرك الإسكندرية علي مرءوسيه في القوانين  5 ، 6 ، 7.

ثانياً: حسم النزاع الذي كان بين أساقفة أفريقيا وأسيا الصغرى، وبين أسقف رومية حول معمودية الهراطقة. فقرر أن المعمودية التي يجريها الهراطقة باطلة، بخلاف ما كان يراه أسقف رومية وأتباعه.

ثالثا: حدد يوم عيد القيامة إذ قرر أن يكون يوم الأحد الذي يلي البدر حيث يكون فيه فصح اليهود، حتى لا يعيدوا قبل اليهود أو معهم، وأناطوا ببابا الإسكندرية في تبليغ جميع الكنائس عن اليوم الذي يقع فيه العيد، وذلك لشهرة بطاركة الإسكندرية بسعة العلم والدقة في حساب المواقيت. وثبتوا الكنيسة. وأقاموا منار الدين. ثم انصرفوا إلى كراسيهم.

صلواتهم تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديا أمين.