20 هاتور: استشهاد أنبا سفرونيوس وأنبا شاناظوم 

السنكسار اليعقوبى لرينيه باسيه

اعلموا يا أخوة أنه فى مثل هذا اليوم استشهد القديس أنبا سفرونيوس وأنبا شاناظوم. كان لما صعد الوالى أريانوس إلى الوجه القبلى، وعندما وصل إلى الأقصرين، فنظر دخان وهو صاعد من البربا فقال ماهو السبب لهذا الدخان. فعرفوه أنهم مجتمعين فى البربا يعيدوا فيها ويرفعوا اللبان للأوثان. ففرح الأمير وقال هذه المدينة قد أعطت لقلبى راحة فى بلاد الصعيد. وكان فى الأقصرين إنساناً اسمه شاناظوم وهذا كان جندياً عابد الله منذ صباه بالصوم والصلاة. وإن هذا تقدم بجسارة وصرخ بصوت عظيم قائلاً أنا نصرانى. فنظر الوالى إليه وقال له إن كل رجال هذه المدينة حكماء أما أنت فأحمق جاهل. قال له القديس أنبا شاناظوم لست أنا الأحمق بل أنا حكيم فإن سمعت منك صرت جاهلاً. فقال له الوالى تعالى وارفع البخور. فقال له القديس هذا شئ لا أفعله أبداً أن أسجد للشيطان فأنا لن أسجد إلا لسيدى يسوع المسيح، هذا الواقف معى فى هذه الساعة يقوينى حتى أخزيك. وإن الوالى أمر بان يزنجروا القديس فى عنقه، ويقيدوا يديه ورجليه ويلقوه فى موضع مظلم إلى الغد.

ولما كان باكر جلس الوالى، فتقدمت إليه عذراء اسمها دالدسينا صرخت وقالت أنا نصرانية. فقال لها الوالى اسجدى للأوثان فصرخت قائلة هذا شئ لا أفعله أبداً. فامتلأ عند ذلك حنقاً وأمر أن يعلقوها منكسة ويضربوها بالجريد حتى تموت. فأما الطوبانية دالدسينا فاحتملت هذا العذاب كله وهى شاكرة الله. وأنها اسلمت الروح بسهولة فحملتها الملائكة إلى السموات وأكملت شهادتها فى ثالث ساعة من نهار اليوم السابع عشر من هاتور بركتها تحل معنا أمين.

وبعد هذا أمر الوالى أن يقدموا له أنبا شاناظوم فقال له الوالى ضحى للأوثان. فقال له القديس إن كلامك البطال ليس اقبله منك. وفيما هو يقول هذا وإذا جندى واقف أمام الوالى يدعى سفرونبوس من عسكر الهيفا ساكن فى ناحية من الأقصرين معروفة باغرارا. ثم أنه صرخ بصوت عظيم قائلاً أنا نصرانى، وحل منطقته وطرحها فى وجه الوالى قائلاً أنى من الآن لا أعود أبقى جندياً لك لأن لى ملكى الحقيقى يسوع المسيح له المجد. وإن الحاجب قال للأمير يا سيدى مُر أن تكتب قضية هذا الساحر شاناظوم وإلا إن تركته فهو يسحر الجمع كله ويتعبونا من أجله. وللوقت قضى عليهم الوالى وأمر أن يأتوا بالقديس شاناظوم وسفرونيوس وأن يوثقوهم بالحديد ويعلقوهم منكسين على لبخة ثم يقطعوا الحبال الذين هم معلقين بهم ليسقطوا على رؤوسهم ويموتوا بسرعة. فصنعوا بهم الأجناد كما أمر الوالى ، وإن ملاك الرب اختطف القديس أنبا شاناظوم وأنبا سفرونيوس وأنزلهم للوقت بسهولة. وأما الحديد الذى كانوا موثوقين به فقد انحل مثل الشمع قدام النار. وللوقت وقف المغبوطين أمام الوالى وهم أصحاء سالمين وصرخوا قائلين افتح عينيك وانظر إلينا يا أريانوس. فأمر الوالى أن يحملوهم على الهنبازين، وان الجند تعبوا من العصر، ولم يبالوا القديسين لأن معونة الله حالة عليهم. وللوقت أمر الوالى أن يأتوا بمشاعل نار مشتعلة ويضعوهم تحت أجنابهم حتى أن الأجساد تفتحت وانهم لم يحسوا بالعذاب، لأن ملاك الرب كان حالاً معهم يعينهم ويقويهم. فقال لهم الوالى ارفعوا اللبان للأوثان لئلا تموتا موتاً ردياً. فقال السعداء الأقوياء أما أنت فإن حياة من يطيعك ويقبل منك (المشورة، فمشورتك) تحدره إلى الجحيم. وأما الموت على اسم المسيح فهو حياة أبدية، هذا الذى له القوة أن يحل عذابك. وبعد هذا أمر الوالى أن يأتوا بزيت مغلى ويصبوه فى حناجرهم. فأجابوا الأصفياء بصوت واحد قائلين لاتظن أن هذا الزيت المغلى الذى صبوه فى حناجرنا يضرنا. إنه مثل إنسان أتى من الحر والسموم فتناول الماء البارد وشربه فوجد راحة واستراحت نفسه، هكذا هذا الزيت صار لنا منه راحة وبهجة لأنفسنا وكل أجسادنا فلا تظن أنت أيها الوالى أن عذابك يهمنا فى شئ. فنحن لانخاف ولا يهولنا البتة، لأنه قد علمتنا الكتب المقدسة التى لربنا يسوع المسيح كلاماته القائلة لاتخافوا ممن يقتل الجسد خافوا بالأكثر من له السلطان أن يهلك أنفسكم وأجسادكم فى نار جهنم، الذى نجى الثلاثة فتية الأصفياء حنانيا وعزاريا وميصائيل من أتون النار المتوقدة، الذى أرسل ملاكه ونجاهم وأخزى تهديد بختنصر الملك هو الذى وقف معنا اليوم وأعاننا وخلصنا من أيدى هذا الكافر القاتل. فأجابهم الوالى قائلاً هذا الكلام الكثير لا يفيدكم، بل امضوا وضحوا واذهبوا من هاهنا. حينئذ أجابه القديسين من فم واحد قائلين إنا ليس نجسر ونضحى للأصنام النجسة، لأن ربنا يقول فى إنجيله المقدس إن من لا يترك مال هذا العالم ويحمل صليبه ويتبعنى فما يستحقنى. وأيضاً قال المخلص من أحب أباً أو أماً أكثر منى فلا يستحقنى. حينئذ غضب الوالى وأمر أن يذهبوا بهم إلى البربا بالمرتفعة ويلقوهم منكسين إلى أسفل على رؤوسهم لكي يموتوا. فصنع الأجناد ما أمرهم به الوالى، ولما فعلوا بالقديسين ذلك لم يلحقهم أذى البتة. كما هو مكتوب إنى أوصى ملائكتى من أجلك ليحفظوك ويحملونك على أيديهم لئلا تعثر بحجر رجلك. فأما القديسين الأصفياء فأمر الوالى أن يقضوا عليهم وتؤخذ رؤوسهم بحد السيف. وهكذا أكملوا جهادهم وشجاعتهم وشهادتهم الحسنة بقوة عظيمة فى العشرين من هاتور، وصعدت نفوسهم إلى السموات بكرامة عظيمة وتوجوا بالأكاليل السمائية والحلل النورانية. الرب يرحمنا بصلاتهم أمين.