29 هاتور: شهادة القديس بطرس خاتم الشهداء

في هذا اليوم استشهد القديس بطرس بابا الإسكندرية السابع عشر وخاتم الشهداء. وكان أبوه كبير قسوس الإسكندرية، اسمه ثاؤذوسيوس. واسم أمه صوفيه. وكانا خائفين من الله كثيرا ولم يرزقا ولدا .

فلما كان الخامس من شهر أبيب وهو عيد القديسين بطرس وبولس، ذهبت أمه إلى الكنيسة، فرأت النساء وهن حاملات أولادهن، فحزنت جدا وبكت، وسألت السيد المسيح بدموع إن يرزقها ولدا، وفي تلك الليلية ظهر لها بطرس وبولس وأعلماها أن الرب قد قبل صلاتها، وسوف يعطيها ولدا تسميه بطرس وأمراها أن تمضي إلى البطريرك ليباركها، فلما استيقظت عرفت زوجها بما رأت ففرح بذلك ثم مضت إلى الأب البطريرك وعرفاه بالرؤيا وطلبت منه أن يصلي من أجلها، فصلي وباركها.

وبعد قليل رزقت هذا القديس بطرس، وفي كمال سبع سنين سلموه للبابا ثاؤنا مثل صموئيل النبي. فصار له كابن خاص وألحقه بالمدرسة اللاهوتية، فتعلم وبرع في الوعظ والإرشاد ثم كرسه أعنسطسا فشماسا، وبعد قليل قسا، وصار يحمل عنه كثيرا من شئون الكنيسة.

وتنيح البابا ثاؤنا بعد أن أوصي أن يكون الأب بطرس خلفا له. فلما جلس علي الكرسي المرقسي، استضاءت الكنيسة بتعاليمه. وكان في إنطاكية رئيس كبير قد وافق الملك دقلديانوس علي الرجوع إلى الوثنية وكان له ولدان  فلم تتمكن أمهما من عمادهما هناك. فأتت بهما إلى الإسكندرية، وقد حدث وهي في طريقها أن هاج البحر هياجا عظيما، فخافت أن يموت الولدان غرقا من غير عماد، فغطستهما في ماء البحر وهي تقول: باسم الآب والابن والروح القدس، ثم جرحت ثديها ورسمت بدمها علامة الصليب المجيد علي جبهتي ولديها. عندئذ هدأ هياج البحر ووصلت إلى الإسكندرية سالمة بولديها. وفي ذات يوم قدمتهما مع الأطفال المتقدمين للمعمودية، فكان كلما هم الآب البطريرك بتعميدهما. يتجمد الماء كالحجر. وحدث هكذا ثلاث مرات. فلما سألها عن أمرها عرفته بما جري لها في البحر. فتعجب ومجد الله قائلا: هكذا قالت الكنيسة معمودية واحدة.

 وفي أيام هذا البابا ظهر أريوس المخالف. فنصحه القديس بطرس كثيرا أن يعدل عن رأيه الفاسد فلم يقبل. فحرمه ومنعه من شركة الكنيسة.

واتصل بالملك مكسيمانوس الوثني. أن بطرس بطريرك الإسكندرية يحرض الشعب علي ألا يعبدوا الآلهه، فحنق جدا وامتلأ غيظا، وأوفد رسلا وأمرهم بقطع رأسه. فلما وصلوا إلى الإسكندرية فتكوا بالشعب ودمروا أغلب البلاد المصرية ونهبوا الأموال وسلبوا النساء والأولاد. وقتلوا منهم نحو ثمانمائة وأربعين ألفا. بعضهم بالسيف والبعض بالجوع والحبس. ثم عادوا إلى الإسكندرية. وقبضوا علي الأب البطريرك وأودعوه السجن.  فلما علم الشعب باعتقال راعيهم تجمهروا أمام باب السجن يريدون إنقاذه بالقوة، فخشي القائد المكلف بقتله أن يختل الأمن العام، وأرجأ تنفيذ الأمر إلى الغد. فلما رأي القديس ذلك أراد أن يسلم نفسه للموت عن شعبه، واشتهي أن ينطلق ويصبر مع المسيح بدون أن يحدث شغب أو اضطراب بسببه. فأرسل واستحضر أبناءه وعزاهم وأوصاهم أن يثبتوا علي الإيمان المستقيم.

فلما علم أريوس المجدف أن القديس  بطرس سيمضى إلى الرب ويتركه تحت الحرم. استغاث إليه بعظماء الكهنة أن يحله فلم يقبل، وأعلمهم أن السيد المسيح قد ظهر له هذه الليلة  في الرؤيا وعليه ثوب ممزق. فسأله: "من شق ثوبك يا سيدي؟" فأجابه أن: "أريوس هو الذي شق ثوبي. لأنه فصلني من أبي فحذار أن تقبله".

وبعد ذلك استدعى القديس بطرس قائد الملك سراً وأشار عليه أن ينقب حائط السجن من الخلف في الجبهة الخالية من المسيحيين، فذهل القائد من شهامة الأب، وفعل كما أمره وأخرجه من السجن سراً. وأتي به إلى ظاهر المدينة إلى المكان الذي فيه قبر القديس مرقس كاروز هذه الديار، وهناك جثا علي ركبتيه وطلب من الله قائلاً: "ليكن بدمي انقضاء عبادة الأوثان، وختام سفك دماء المسيحيين". فأتاه صوت من السماء سمعته عذراء قديسة كانت بالقرب من المكان. يقول. آمين. أي يكون لك كما أردت، ولما أتم صلاته تقدم السياف وقطع رأسه المقدس، وظل الجسد في مكانه حتى خرج الشعب من المدينة مسرعا إلى حيث مكان الاستشهاد لأنه لم يكن قد علم بما حدث فأخذوا الجسد الطاهر وألبسوه ثياب الحبرية وأجلسوه علي كرسي مارمرقس الذي كان يرفض الجلوس عليه في حياته، وكان يقول في ذلك أنه كان يري قوة الرب جالسة عليه فلا يجسر هو أن يجلس.

ثم وضعوه حيث أجساد القديسين، وكانت مدة جلوسه علي الكرسي إحدى عشرة سنة. صلاته تكون معنا. آمين.