14كيهك: شهادة القديس أمونيوس أسقف إسنا 

وفي هذا اليوم أيضا استشهد الأب العظيم الأنبا أمونيوس أسقف مدينة أسنا. وكان منذ حداثته حسن السيرة وذاعت فضائله. فرسمه الأنبا بطرس بابا الإسكندرية أسقفا علي مدينة أسنا، ولرغبته الشديدة في الوحدة بني ديرا علي حافة الجبل بجوار عين ماء وأعد مغارة كان يقيم فيها طوال الأسبوع. وينزل يوم السبت إلى الكنيسة، ويقوم بخدمة القداس يوم الأحد، حيث يجتمع به شعبه، فيعظهم ويفصل في قضاياهم، ويقضي معهم يوم الاثنين أيضا ثم يعود إلى مغارته، مداوما علي النسك والعبادة.

وقد استشهد في أيامه عدد كبير من شعبه. وذلك أنه لما ذهب أريانوس الوثني إلى الصعيد، كان في طريقه يضطهد النصارى ويكلفهم بالسجود للأوثان، ومن خالف عذبه ثم قتله. واستمر كذلك حتى وصل إلى مدينة أسنا، وعند دخوله وجد أربعة من الصبية يسوقون دوابا تحمل بطيخا. فسألهم أحد جند الوالي عن معتقدهم فأجابوه نحن نصاري، فقبضوا عليهم. ولما علمت أمهم أسرعت إليهم وكانت تشجعهم وتقول للجند. "نحن نحب يسوع المسيح ولا نعبد أصنامكم المرذولة". فأمر الوالي باعتقالهم في السجن، وفي نصف الليل ظهرت السيدة العذراء لهذه الأم وقالت لها: "اعلمي أن ابني المخلص والرب قد دعاك أنت وأولادك السعداء سروس وهرمان وبانوف وبسطاي، إلى الملكوت السمائية. وأعطتها السلام ثم صعدت إلى السماء. ولما كان الصباح، استحضرهم الأمير، وعرض عليهم عبادة الأصنام، فرفضوا بإباء وشجاعة، فقطع رؤوسهم، وكان ذلك في السادس من شهر بشنس؛ وأخذ المؤمنين أجسادهم ودفنوها في بيوتهم. وظهرت من أجسادهم جملة عجائب وآيات.

وكان بالمدينة أربعة أراخنة يقومون بجباية الضرائب. وإذ كانوا يقدومون لأريانوس حساب عملهم، حدث أن ذكر أحدهم اسم المسيح، فغضب أريانوس عند ذلك وأمر بتعذيبهم. وإذ رأي قوة صبرهم أمر بقطع رؤوسهم، فأكملوا شهادتهم في اليوم السادس من شهر بؤونة،  واستشهد معهم عدد وفير من النساء والرجال والرهبان.

ولما ذهب أريانوس إلى أرمنت هرعت إلى هناك امرأتان اسمهما تكله ومرتا من أهل إسنا، واعترفا أمامه بالمسيح. فالتفت إلى من حوله من أهل أرمنت وقال لهم: "كيف تقولون إذن انه ليس في مدينتكم نصراني واحد". وأما هم فقد بحثوا حتى علموا أن المرأتين من إسنا، فقالوا لـه: "انهما غريبتان عن مدينتنا المحبة للملوك والإلهة". فأمر بأخذ رأسيهما في اليوم السابع عشر من شهر أبيب.

أما القديس أمونيوس فقد ظهر له ملاك الرب وهو في البرية وقال له: "السلام لك يا أمونيوس. الرب قبل صلواتك عن شعبك وهيأ لكم الإكليل، فقم وانزل وعظهم أن يثبتوا علي الاعتراف بالسيد المسيح". وأعطاه السلام وانصرف عنه.

فنهض القديس وأسرع بالنزول إلى المدينة، وجمع الشعب ووعظهم وأخبرهم بما قاله له الملاك. فصاح الجميع: "نحن يا أبانا علي استعداد أن نتحمل علي اسم المسيح كل عذاب حتى الموت". واتفق عيد القديس اسحق في ذلك اليوم، فصعد بشعبه كله إلى جبل كاتون، الذي تأويله جبل الخيرات، واحتفلوا هناك بالعيد.

أما أريانوس فقد رحل من أرمنت إلى قرية تسمي حلوان غرب إسنا، فخرج أهلها إليه واعترفوا باسم المسيح، فأمر بقطع رؤوسهم، ونالوا إكليل الشهادة. ودخل أريانوس المدينة وسار في شوارعها فلم يجد بها شخصا واحدا، حتى وصل إلى الباب القبلي المسمي باب الشكر، لأن الأسقف كان قد صلي هناك مع شعبه صلاة الشكر. فوجد امرأة عجوز لم تستطع الصعود معهم إلى الجبل. فسألها الوالي عن أهل المدينة فقالت له: "لقد سمعوا أن الوالي الكافر قادم إلى المدينة ليقتل النصارى، فصعدوا إلى الجبل للاحتفال بالعيد" : فقال لها" ومن هو معبودك من الآلهة؟" فأجابته: "أنا مسيحية". فأمر بقطع رأسها، وخرج من المدينة يقصد الجبل، فوجد جماعة في مكان يقال له المبقلة فقتلهم ثم جماعة في قرية تسمي جرماجهت فقتلهم أيضا، وغيرهم في مكان يقال له سرايا فقتلهم كذلك. وكان يقتل في طريقة كل مسيحي يصادفه حتى وصل إلى الجبل، وهناك قابله الشعب بصوت واحد قائلين: "نحن مسيحيون". فهددهم وإذا لم يصغوا لتهديده، أمر جنده أن يستلوا سيوفهم ولا يبقوا علي أحد منهم. فكان الواحد منهم يقدم ابنته إلى السياف ويقول لها: "تقدمي إلى العريس الحقيقي الذي لا يموت". وكان الجميع يتقدمون إلى السياف قائلين: "نحن ماضون إلى الفرح الدائم في ملكوت السموات". وكملوا شهادتهم في التاسع عشر من أبيب.

أما الأسقف فانهم قبضوا عليه وأحضروه أمام أريانوس فأمر بغضب أن يربط خلف الخيل ثم أخذه معه إلى أسوان.

وفي عودته إلى إسنا قابلة ثلاث رجال. وكانوا يصيحون: "نحن نصارى" . فقال الجند: "لقد حلفنا ألا نجرد سيوفنا هنا". فقال لهم الرجال: "هذه فؤوسنا معنا". فأخذوا منهم الفؤوس ووضعوا رؤوسهم علي حجر بجوار باب المدينة البحري وقطعوها بالفؤوس ونالوا إكليل الشهادة.

أما الأب الأسقف أمونيوس فقد وضعوه في مؤخرة المركب وكان أريانوس يخرجه من حين لآخر ويطلب منه التبخير للآلهة فيرفض. وأخيرا أمر بحرقه فنال إكليل الشهادة في اليوم الرابع عشر من شهر كيهك، وأخذ جسده بعض المؤمنين وكان سالما لم تصبه النار بأذى، وكفنوه وأخفوه حتى انقضي زمن الاضطهاد، حيث أتي أهل كرسيه يريدون نقله إلى مدينتهم، فسمعوا صوتا من الجسد يقول: "هذا هو المكان الذي اختاره لي الرب". صلوات هؤلاء القديسين تكون معنا، ولربنا المجد دائما أبديا. أمين.

هى الأم دولاجى وأولادها سوروس وهيرمان وأبانوفا وشنطاس