23 كيهك: نياحة داود النبي

في هذا اليوم من سنة 2990 للعالم تنيح الملك العظيم والنبي القديس الكريم داود بن يسي، وهو ثاني ملك علي بني إسرائيل، وأول من سار السيرة الفاضلة العادلة الكاملة من ملوكهم، وكان من قبيلة يهوذا من بيت لحم. فانتخبه الله ملكا علي بنى إسرائيل عندما خالف شاول بن قيس أمر الله. فأمر الله صموئيل النبي أن يمسح له واحدا من أولاد يسى ملكا. فاختار صموئيل الابن الأكبر، الحسن الوجه، القوى الجسم، غير أن الله لم يقبله وقال لصموئيل : "لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأني قد رفضته. لأنه ليس كما ينظر الإنسان. لأن الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فانه ينظر إلى القلب. فعرض يسى أولاده أمام صموئيل فاختار داود ومسحه ملكا، وكان الله معه في كل أموره. ولطهارة قلبه ووداعته تغلب علي شاول الملك الذي حاول قتله مرارا. ومن ذلك أن شاول خرج مرة طالبا قتله فأدركه المساء ونام. فجاء داود النبي إليه وهو نائم وقطع طرف جبته سرا ليعرفه بأنه قد ظفر به وأبقاه حيا. ثم وجده مرة أخرى نائما أيضا فأخذ داود رمحه وكوز الماء الذي كان عند رأسه ولم يضره. ولما حرضه إخوانه علي قتله قال : "حاشا لي من قبل الرب أن أمد يدي إلى مسيح الرب".  ولما بشره إنسان بقتل شاول عدوه قائلا : "وقفت عليه وقتلته".  حزن داود ومزق ثيابه، ودعا واحدا من الغلمان وقال له: "تقدم. أوقع به فضربه فمات". وقد شرف الله هذا النبي عن سائر البشر إذ جمع فيه فضائل كثيرة. كفضيلة الإتضاع، فإنه كان نبيا وصديقا كاملا وملكا عادلا. ومع كل ذلك كان يدعو ذاته كلبا ميتا وبرغوثا وغير ذلك، وقد مدحه الله بقوله "وجدت داود بن يسي رجلا حسب قلبي". وحرس الله أورشليم من أجله في حياته وبعد مماته وجعل ملوك الشعب من نسله. ودعا ذاته ابنه. وتنبأ بسفر المزامير المنسوب له، وهو سفر مملوء من كل قول حسن وتعليم مفيد. وكان داود في قوته ذا بأس مؤيدا من الله، وذلك أنه لما كان صبيا صغيرا يرعي غنم أبيه هجم عليه تارة ذئب وتارة أسد ليفترسا الغنم، فقتل الذئب وفسخ فكي الأسد. وحدث لما تقابل جيش شاول بجيش الفلسطينيين، وخرج جليات الجبار الذي كان طوله ستة أذرع  وشبر، وهو متسلح بالحديد، وبيده رمح في سمك نول النساج، وسنان رمحه ستمائة شاقل، ومكث يجول بين عسكر الفلسطينيين، ويفتخر علي بني إسرائيل مدة أربعين يوما، ولم يجسر أحد من العساكر أن يبارزه، وكان داود قد جاء ليفتقد اخوته، فلما رآه وسمع كلامه غار غيرة إلهية وتقدم إليه وبيده مقلاعه وخمسة حجارة، فضحك منه جليات  وافترى علي الله فأجابه داود قائلا : "أنت تأتي إلى بسيف ورمح وترس. وأنا آتي إليك باسم رب الجنود إله صفوف إسرائيل  الذين عيرتهم". ثم وضع داود الحجر في المقلاع وضرب به جليات، فارتز الحجر في جبهته وسقط علي وجهه إلى الأرض. فجرد سيفه وقطع به رأسه، وأزال العار عن بني إسرائيل. وكانت حياة داود سبعين سنة. منها ثلاثين قبل أن يمسح ملكا وقد كان مولده قبل ميلاد السيد المسيح بألف ومائة وعشرين سنة. صلاته تكون معنا. آمين.