13 طوبة: شهادة القديسة دميانة 

وفي هذا اليوم أيضا استشهدت القديسة دميانة. وكانت هذه العذراء العفيفة المجاهدة ابنة مرقس والي البرلس والزعفران ووادي السيسبان. وكانت وحيدة لأبويها. ولما كان عمرها سنة واحدة أخذها أبوها إلى الكنيسة التي بدير الميمة وقدم النذور والشموع والقرابين ليبارك الله فيها ويحفظها له.

ولما بلغت من العمر خمس عشرة سنة أراد والدها أن يزوجها فرفضت وأعلمته أنها قد نذرت نفسها عروسا للسيد المسيح. وإذ رأت أن والدها قد سر بذلك طلبت منه أيضا أن يبني لها مسكنا منفردا تتعبد فيه هي وصاحباتها. فأجاب سؤلها، وبني لها المسكن الذي أرادته، فسكنت فيه مع أربعين عذراء، وكن يقضين أغلب أوقاتهن في مطالعة الكتاب المقدس والعبادة الحارة.

وبعد زمن أرسل دقلديانوس الملك، وأحضر مرقس والد القديسة دميانة وأمره أن يسجد للأوثان. فامتنع  أولا، غير أنه بعد أن لاطفه الملك، انصاع لأمره وسجد للأوثان. وترك خالق الأكوان ولما عاد مرقس إلى مقر ولايته، وعلمت القديسة بما عمله والدها، أسرعت إليه ودخلت بدون سلام أو تحية وقالت له: "ما هذا الذي سمعته عنك؟ كنت أود أن يأتيني خبر موتك، من أن أسمع عنك أنك  تركت عنك الإله الذي جبلك من العدم إلى الوجود، وسجدت لمصنوعات الأيدي. أعلم أنك إن لم ترجع عما أنت عليه الآن، ولم تترك عبادة الأحجار، فلست بوالدي ولا أنا أبنتك". ثم تركته وخرجت. فتأثر مرقس من كلام ابنته وبكي بكاء مرا، وأسرع إلى دقلديانوس واعترف بالسيد المسيح. ولما عجز الملك عن إقناعه بالوعد والوعيد أمر فقطعوا رأسه.

وإذ علم دقلديانوس أن الذي حول مرقس عن عبادة الأوثان هي دميانة ابنته، أرسل إليها أميرا، وأمره أن يلاطفها أولا، وإن لم تطعه يقطع رأسها. فذهب إليها الأمير ومعه مائة جندي وآلات العذاب. ولما وصل إلى قصرها دخل إليها وقال لها: "أنا رسول من قبل دقلديانوس الملك، جئت أدعوك بناء علي أمره أن تسجدي لألهته، لينعم لك بما تريدين". فصاحت به القديسة دميانة قائلة: "شجب الله الرسول ومن أرسله، أما تستحون أن تسموا الأحجار والأخشاب آلهة، وهي لا يسكنها إلا شياطين. ليس إله في السماء وعلي الأرض إلا إله واحد. الآب والابن والروح القدس، الخالق الأزلي الأبدي مالئ كل مكان، عالم الأسرار قبل كونها، وهو الذي يطرحكم في الجحيم حيث العذاب الدائم، أما أنا فأني عبدة سيدي ومخلصي يسوع المسيح وأبيه الصالح والروح القدس الثالوث الأقدس، به أعترف، وعليه أتوكل، وباسمه أموت وبه أحيا إلى الأبد.

فغضب الأمير وأمر أن توضع بين هنبازين ويتولي أربعة جنود عصرها فجري دمها علي الأرض. وكانت العذارى واقفات يبكين عليها. ولما أودعها السجن ظهر لها ملاك الرب ومس جسدها بأجنحته النورانية، فشفيت من جميع جراحاتها. وقد تفنن الأمير في تعذيب القديسة دميانه، تارة بتمزيق لحمها، وتارة بوضعها في شحم وزيت مقلي، وفي كل ذلك كان الرب يقيمها سالمة. ولما رأى الأمير أن جميع محاولاته قد فشلت أمام ثبات هذه العذراء الطاهرة، أمر بقطع رأسها هي وجميع من معها من العذارى العفيفات. فنلن جميعهن إكليل الشهادة.

صلاتهن تكون معنا . ولربنا المجد دائما أبديا. أمين.