29 طوبة: نياحة القديسة اكساني 

في هذا اليوم تنيحت القديسة اكساني، التي كانت من بنات أشراف رومية وأغنيائها وكانت وحيدة لوالديها، وقد نشأت من صغرها علي مداومة الصوم والصلاة وزيارة المسجونين والتصدق علي المحتاجين. وكانت تزور أديرة العذارى برومية للنسك والعبادة، وكانت توزع ما تحضره معها علي الفقراء والمساكين، وتكتفي بطعام الراهبات، وكانت تلازم قراءة أخبار القديسين وتكثر الطلبة إلى الله أن يجعل لها نصيبا معهم.

وحدث أن أحد وزراء رومية خطبها لابنه، فاهتم والدها بالأمر كثيرا وأحضر لها أحسن الثياب وأغلي الحلي والأواني.

ولما حان وقت زفافها قالت لأمها: "إنني بعد أن يتم زواجي لا يليق بي أن أذهب لزيارة صديقاتي الراهبات، فاسمحي لي بأن أذهب إليهن الآن لأودعهن". وإذ أذنت لها أسرعت فأخذت بعض حليها واثنتين من جواريها وقصدت شاطئ البحر، وهناك وجدت سفينة متجهة إلى جزيرة قبرص فاستقلتها. وعند وصولها ذهبت إلى القديس أبيفانيوس وأعلمته بأمرها، فأشار عليها أن تذهب إلى مدينة الإسكندرية. فسافرت إلى هناك حيث التقت بالأنبا ثاؤفيلس بابا الإسكندرية الثالث والعشرين، وأطلعته علي رغبتها في الترهب فوافقها علي ذلك وقص شعرها وألبسها لباس الرهبنة . ثم باعت كل ما كان لها من الحلي والثيات وبنت بثمنه كنيسة علي اسم القديس استفانوس رئيس الشمامسة. وأقامت مع جماعة من العذارى الراهبات، أسكنهن معها الأنبا ثاؤفيلس البطريرك .

وقد أخذت في ممارسة النسك والجهاد فكانت تعيش علي الخبز وقليل من البقول المبللة ولم تذق طعاما مطهيا، كما كانت تنام علي الأرض. وقد استمرت في جهادها هذا مدة تزيد عن العشرين سنة.

ولما تنيحت  أظهر الله آية تدل علي مقدار ما حصلت عليه من النعم السمائية، وذلك أنه ظهر في السماء في نحو نصف النهار صليب من نور تغلب ضوءه على ضياء الشمس، وحوله دائرة من النجوم مضيئة كأكاليل، ولم يزل ظاهرا إلى أن تم وضع جسدها مع أجساد الراهبات القديسات ثم غاب. فعلم الناس أن ظهور هذا الصليب كان لإظهار فضلها. وبعد ذلك قصت الجاريتان علي الأب البطريرك أمر سيدتهما، وكيف عاهدتهما علي إخفاء أمرها، وأن يدعوانها أختهن . فتعجب الأب البطريرك من ذلك ومجد الله وكتب سيرتها. صلاتها تكون معنا. آمين.