22 أمشير: القديسة دوروثيا

عن كتاب : قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية (ح ـ ص) القمص تادرس يعقوب ملطى، وذلك عن السنكسار الأمين تحت يوم 22 أمشير.

كانت من عائلة من الإسكندرية، جمعت بين الشرف والغنى، فتربت تربية مسيحية  مليئة بالمحبة ونالت نصيباً وافراً من التعليم العالى. ولأنها كانت جميلة جذابة داخلها القلق من أن تمتلئ غروراً أو أن تتسبب فى عثرة الرجال، فقررت الهروب من العالم والعيش فى عزلة الصحراء مع ربها.

فوجئت قبل البدء فى تنفيذ قرارها بدعوة من الإمبراطور مكسيميانوس، وما إن وقعت عيناه عليها حتى جُن حباً بها، وبالطبع لم يخطر على باله أن هناك شابة ترفض الزواج منه، ففاتحها لفوره برغبته. وأصيب بذهول عنيف أمام ثورة غضبها ضد طلبه وداخله الشك فى أن هذه الحدة لا يمكن أن تنشأ إلا من دافع دينى، فتحرى عن الأمر واكتشف بالفعل أنها مسيحية.

ضاعف هذا الاكتشاف من رغبته فى التغلب عليها فأرسل إليها مندوبيه المرة تلو المرة يفهمونها بالأدب تارة وبالتهجم أخرى أنه ليس أمامها غير الاختيار بين عرض الإمبراطور والموت بأقسى أنواع التعذيب. ولم تكن لديها غير إجابة واحدة من البداية إلى النهاية: "إن جسدى هو هيكل للروح القدس والله ساكن فيه، ولن أدنسه إطلاقاً بالارتباط مع عابد وثن، حتى إن كان الإمبراطور نفسه، فاذهبوا وقولوا لسيدكم أن يكف عن التحدث عن الملذات وهو يسفك دماء المسيحيين أنهاراً".

انتهزت دوروثيا ظلام الليل لتنفيذ قرارها فخرجت ملقية همها على الله حارسها، وصحبتها بعض خادماتها المخلصات بمحض إرادتهن وسرن بأسرع ما يمكن نحو الصحراء ليعشن فى سكونها تحت ظل القدير.

انتقاماً لكبريائه المجروح أصدر مكسيميانوس أمره بالقبض على عدد من عذارى الإسكندرية والإتيان بهن إلى ساحة المحاكمة، وهناك أعطاهن الاختيار بين عيشة الملذات العالمية أو التعذيب حتى الموت، فكان ردهن جماعياً: "الموت بأية صورة هو ما نفضله على حياة الخطية". فنلن جميعاً أكاليل الشهادة.

أما دوروثيا وزميلاتها فعشن فى الصحراء حيث قضت القديسة سنوات طويلة فى عشرة حلوة مع ربها، اجتذبت عدداً وفيراً من العذارى عشن معها واتخذنها أماً لهن. بركة صلواتها تكن معنا أمين.