24 برمهات: تجلي كلية الطهر السيدة العذراء بكنيسة الزيتون 

في مساء هذا اليوم من سنة 1684 للشهداء الموافق الثلاثاء الثاني من شهر أبريل سنة 1968 لميلاد المسيح، في عهد البابا كيرلس السادس المائة والسادس عشر من باباوات الإسكندرية، بدأت سيدتنا كلنا وفخر جنسنا مريم العذراء تتجلى في مناظر روحانية نورانية في وعلي قباب الكنيسة المدشنة باسمها الطاهر في حدائق الزيتون من ضواحي مدينة القاهرة.

وقد توالي هذا التجلي في ليالي متعاقبة بصورة لم يعرف لها نظير في الشرق أو في الغرب، ويطول هذا التجلي في بعض الليالي بضع ساعات دون توقف أمام عشرات الألوف من البشر من جميع الأجناس والأديان، والكل يراها بعيونهم، ويشيرون إليها ويستشفعون بها في ترتيل وابتهال ودموع وتهليل وصلاة وهي تنظر إلى الجماهير نظرة حانية، ترفع أحيانا كلتا يديها لتباركهم من جميع الاتجاهات.

وأول من لاحظ هذا التجلي هم عمال مؤسسة النقل العام بشارع طومان باي الذي تطل عليه الكنيسة وكان الوقت مساء، فرأي الخفير عبد العزيز علي، المكلف بحراسة الجراج ليلا، جسما نورانيا متألقا فوق القبة فأخذ يصيح بصوت عال: "نور فوق القبة". ونادي علي عمال الجراج فأقبلوا جميعا وشهدوا أنهم أبصروا نورا وهاجا فوق القبة الكبرى للكنيسة وأحدقوا النظر فرأوا فتاة متشحة بثياب بيضاء جاثية فوق القبة وبجوار الصليب الذي يعلوها. ولما كان جدار القبة مستديرا وشديد الإنحدار فقد تسمرت أقدامهم وهم يرقبون مصير الفتاه. مضت لحظات شاهدوا بعدها الفتاة الجاثية وقد وقفت فوق القبة فارتفعت صيحاتهم إليها مخافة أن تسقط، وظنها بعضهم يائسة تعتزم الانتحار فصرخوا لنجدتها وأبلغ بعضهم شرطة النجدة، فجاء رجالها علي عجل وتجمع المارة من الرجال والنساء. وأخذ منظر الفتاه يزداد وضوحا ويشتد ضياء وظهرت الصورة واضحة لفتاة جميلة في غلاله من النور الأبيض السماوي تتشح برداء أبيض وتمسك في يديها بعض من أغصان شجر الزيتون، وفجأة طار سرب من الحمام الأبيض الناصع البياض فوق رأسها. وحينئذ أدركو أن هذا المنظر روحاني سماوي. ولكي يقطعوا الشك باليقين سلطوا أضواء كاشفة علي الصورة النورانية فازدادت تألقا ووضوحا، ثم عمدوا إلى تحطيم المصابيح الكهربائية القائمة بالشارع والقريبة من الكنيسة فلم تختف الصورة النورانية، فأطفئوا المنطقة كلها، فبدت الفتاه في ضيائها السماوي وثوبها النوراني أكثر وضوحا، وأخذت تتحرك في داخل دائرة من النور يشع من جسمها إلى جميع الجهات المحيطة بها. عندئذ أيقن الجميع بأن الفتاة التي أمامهم هي دون شك مريم العذراء، فعلى التصفيق والصياح والتهليل حتى شق عنان السماء: "هي العذراء .. هي أم النور.." ثم انطلقت الجموع تنشد وترتل وتصلي طوال الليل حتى صباح اليوم التالي.

ومنذ هذه الليلة والعذراء الطاهرة تتجلى في مناظر روحانية مختلفة أمام الألوف من الناس مصريين وأجانب، مسيحيين وغير مسيحيين، رجالا وسيدات وأطفالا، ويسبق ظهورها ويصحبه تحركات لأجسام روحانية تشق سماء الكنيسة بصورة مثيرة جميلة ترفع الإنسان الطبيعي فوق مستوي المادة وتحلق به عاليا في جو من الصفاء الروحي.

ومن أهم المناظر التي تجلت فيها أم النور أمام جميع الناس. منظرها بين القبة القبلية الغربية للكنيسة والقبة الوسطي وهي تبدو في جسم نوراني كامل في الحجم الطبيعي لفتاه شابة وأحيانا أكبر من الحجم الطبيعي، رأسها في السماء وكأنها شقت السماء ونزلت منها، وقدماها في الفضاء واقفة علي أصابعها، تحيط رأسها المقدس وجسمها المضيء طرحة فضية بهية، وأحيانا زرقاء سماوية داكنة، والجسم كله نور من نور ويبدو الرداء من تحت الطرحة نورانيا أبيض ناصعا، والرأس من تحت الطرحة منحنية إلى أسفل في صورة العذراء الحزينة ونظراتها نحو الصليب الذي يعلو القبة الكبرى في منتصف سطح الكنيسة. والمنظر يثبت علي هذا الوضع حينا ويتحرك حينا في هدوء وبطء، وينحنى أمام الصليب حينا آخر والصليب نفسه يضيء ويشع نورا مع أنه من المسلح وهو جسم معتم. ويشع من جسم العذراء نور ينتشر في تدرج يضيء سماء الكنيسة في محيط يشغل معظم مساحة السطح. وقد ترفع العذراء يديها ثم تخفضهما وقد تعقدهما علي صدرها كمن يصلي، وهي ملفوفة في طرحتها البيضاء في نظرات الهدوء والسكينة والوقار. وأحيانا يظهر من خلفها ملاك فارع الطول فاردا جناحيه وقد يطول هذا المنظر إلى بضع ساعات.

ومن أهم المناظر أيضا منظر أم النور في وقفة ملكة عظيمة في صورة روحانية جميلة تفيض جلال وبهاء وكرامة، في نور أبهي لمعانا من أي نور طبيعي، تحيط بوجهها هالة بلون أصفر فاتح. وأما أسفل العنق وأعلى الصدر فبلون داكن نوعا ما، وعلي رأسها تاج ملكي كأنه من الماس مرصع ويلمع. وأحيانا يبدو فوق التاج صليب صغير مضيء، وقوامها المشرق يرتفع في السماء فوق شجرة بالجهة القبلية من الكنيسة وفي موقفها السابق تبدو حاملة المسيح له المجد في صورة طفل علي يدها اليسرى وعلي رأسه تاج. وتارة تظهر ويداها تضمان أطراف ثوبها، وتارة أخري ترفع كلتا يديها وكأنها تبارك العالم وهي تتجه إلى اليمين وإلى الأمام وإلى اليسار في حركة وقورة متزنة يجللها سمو روحاني لا يعبر عنه ولا ينطق به، ورداؤها الأبيض يهفهف من ذيله وكأنها تظهر ذاتها لجميع الناس في جميع الاتجاهات مشفقة علي الذين لم يستطيعوا لكثرة الزحام أن يصلوا إلى زاوية الرؤيا المواجهة لمدخل الكنيسة في الحارة الضيقة المسماة حارة خليل. وفي هذا المنظر تبدو العذراء الطاهرة في الحجم الطبيعي لعذراء شابة في قامة صحية مثالية وجسم فارع رقيق تكسوه غلالة من نسيج نوراني حتى القدمين ويزداد المنظر روعة عند انحناءه الرأس المقدس في شبه إيماءة حانية.

ولعل أكثر المناظر ظهورا تجليها عديد من المرات في شكل فتاه ترتدي طرحة بيضاء تطل من طاقة في القبة  الشرقية البحرية بين طاقات هذه القبة  تومئ برأسها الملكي أو ترفع كلتا يديها وكأنها تحيي أو تبارك. وتارة تبدو حاملة المسيح له المجد في صورة طفل علي يدها اليسرى وأحيانا تبدو وفي إحدى يديها غصن زيتون. والملاحظ أنه قبل أن تتجلى العذراء في إحدى طاقات هذه القبة، وهي عادة مظلمة حالكة الظلام لأنها مغلقه تماما من أسفل بسقف الكنيسة بحيث لا تصل إليها أنوار الكنيسة من الداخل عندما تكون مضاءة يظهر أول في القبة نور خافت لا يلبث أن يكبر شيئا فشيئا حتى يصير في حجم كروى تقريبا ولونه أبيض مائل إلى الزرقة كلون قبة السماء الزرقاء عندما تكون الشمس مشرقة ساطعة. وبعد قليل يتحرك هذا النور في اتجاه طاقة القبة من الخارج. وفي أثناء تحركه البطيء يتشكل رويدا رويدا بشكل العذراء مريم في منظر نصفى من الرأس حتى منتصف الجسم، والرأس تحيط به الطرحة التي تبدو بلون أزرق سماوي متدلية علي كتفيها ويبرز هذا الجسم النوراني متمثلة فيه العذراء ويطل من طاقة القبة ويخرج بعض الشيء وخارج القبة إلى فضاء الكنيسة، وأحيانا يقف على سطح القبة المنحدر. وقد يبقي هذا المنظر دقائق وقد يبقي من ربع إلى نصف ساعة. وفي أحيان أخري يتكون المنظر ويبرز خارج القبة نحو دقيقتين، ثم يتحرك إلى داخل القبة وحينئذ يبهت شكله  ويعود إلى شكله الكروي ثم ينطفئ أو يختفي بضع دقائق ثم يبدأ أن يظهر من جديد في شكل ضوء خافت ثم يكبر حتى يصير في حجم كروي، ثم يتحرك تجاه طاقة القبة وفي حركته يتشكل بشكل العذراء مريم وهي تطل علي الجماهير. وهكذا عديد من المرات كما حدث هذا مثلا في ليلة عيد دخول العائلة المقدسة إلى مصر ( 24 بشنس الموافق أول يونية 1968 ) فقد توالي تجلي العذراء في القبة البحرية الشرقية مرات لا يحصيها العد من الساعة العاشرة مساء حتى بزوغ نور الصبح، وهو أكثر المناظر التي تتكرر مرات ومرات في ليال عدة لا حصر لها، وهو المنظر المتواتر الظهور الذي تمتع به أكبر عدد من الناس.

ومن بين المناظر الرائعة جدا هذا المنظر الذي تبدو فيه العذراء جسما بلوريا مضيئا ناصعا جدا وهي واقفة وقفة ملكية في قامة منتصبة ممشوقة تملأ إحدى طاقات القبة البحرية الغربية في حجم صغير متناسق وكأنها تمثالاً من النور الوضاء المشع الأبيض الناصع البياض يمتد كاملا من الرأس إلى القدمين في كل طاقة القبة بشكل يريح القلب والنفس ويشيع الأمن والسكينة في كل الإنسان حتى ينسي وجوده أمامه من فرط ما يتولاه من انبهار وانجذاب.

هذا ويصاحب تجليات أم النور ظهور كائنات روحانية مضيئة تشبه الحمام، وهى عادة أكبر منه حجما وتظهر نحو منتصف الليل أو بعده نحو الثانية أو الثالثة صباحا والمعروف أن طائر الحمام العادي لا يطير ليلا. ثم أن هذه الكائنات بيضاء لامعة مشعة بصورة لا يوجد نظير لها في عالم الطيور، خاصة وأنها تظهر في وسط الظلام الحالك متوهجة منيرة من كل جانب من فوق ومن أسفل ثم أنها تتحرك أو تطير فاردة جناحيها من غير رفرفة في الغالب، إنها تنساب بسرعة كبيرة وكأنها سهم يشق سماء الكنيسة وتظهر فجأة من حيث لا يعرف الإنسان من أين جاءت وتختفي أيضا فجأة وهي في مدي الرؤية. ويحدث الاختفاء وتكون السماء صحوا، وأحيانا تري وكأنها خارجة من القبة الكبرى وتتجه نحو القبة البحرية الشرقية وتختفي لتعود بعد ثوان في الاتجاه المضاد تماما.علي أن هذه الكائنات الروحانية بشكل الحمام تظهر في تشكيلات وأعداد مختلفة فتارة تظهر حمامة واحدة وتارة حمامتان، وتارة 3 حمامات في شكل مثلث متساوي الأضلاع منتظم المسافات وتحتفظ بهذا الشكل في كل فترة الطيران. وتارة يظهر سرب من سبع حمامات أو عشر حمامات أو اثنتي عشر حمامة قد تتخذ شكل صليب في طيرانها، وأحيانا في تشكيل من صفين متوازيين.

ومن بين الظواهر الروحية المصاحبة لتجليات العذراء أم النور ظهور نجوم في غير الحجم الطبيعي تهبط من فوق في سرعة خاطفة على القبة الوسطي أو علي سطح الكنيسة ثم تختفي وهي لامعة ومضيئة وبراقة. وفي بعض الحيان يظهر النجم في حجم كرة منيرة تهبط من فوق إلى أسفل وقد يتخذ النجم شكل مصباح مضيء في حجم متوسط.

ومن بين الظواهر المتكررة نور برتقالي اللون يغمر القبة البحرية الشرقية للكنيسة من فوقها ومن جميع الاتجاهات، وبعد دقائق من ظهوره يتحرك في اتجاه القبة الكبرى ويغمرها من فوق ومن جميع الاتجاهات.

وفي أحيان كثيرة ينبعث من داخل القبة البحرية الشرقية خصوصا نور ساطع أبيض مشرب بشيء من الزرقة بحيث يبدو بلون قبة السماء عندما تكون الشمس ساطعة يظهر في وسط القبة وأحيانا يتحرك من أسفل إلى أعلى فيبدو كما لو كان معلقا في الجزء الأعلى من القبة. وفي أحيان أخري يظهر في وسط القبة في شكل كروي أو بيضاوي ثم يتحرك ببطء شديد إلى خارج إحدى طاقات أو منافذ القبة المطلة علي الخارج قبيل أن يتشكل في صورة نصفية للسيدة العذراء تطل من طاقة القبة. 

ومن بين الظواهر أيضا نور كبير يظهر علي القبة القبلية الغربية أو القبة البحرية الشرقية أو القبة الوسطي في هيئة صليب متساوي الأضلاع في منظر يبلغ حد الإبداع والروعة والجمال.

وفي بعض الليالي يغمر القبة الوسطى كمية من بخور أبيض ينتشر فوق سطح الكنيسة كلها ويصعد إلى فوق نحو السماء إلى مسافة 30 أو 40 مترا، علما بأن القبة الوسطى وإن كانت مفتوحة من داخل الكنيسة لكنها ليست مفتوحة من خارج بحيث ولو صعد بخور من داخل الكنيسة فأنه لا ينفذ إلى خارج القبة. ثم إن كمية البخور التي تنتشر فوق القبة وسطح الكنيسة كمية ضخمة لا يكفي لتصعيدها ألف ألف مجمرة ولولا أن هذا البخور عطري الرائحة وأبيض اللون وناصع البياض لكان يظن أنه ناجم من حريق كبير؛ وهناك أيضا السحاب النوراني الذي يظهر فوق قباب الكنيسة مباشرة تارة بحجم كبير وغالبا ما يسبق تجليات العذراء إذ لا يلبث السحاب قليلا حتى يتشكل رويدا رويدا في منظر العذراء أم النور. وأحيانا ينبلج منظر العذراء من بين السحاب كما ينبلج نور ولمبات النيون الكهربائية فجأة. وأحيانا يتحرك وفي كل الأحوال يتحرك فوق القباب فجأة بحيث تكون السماء صحوا ومن دون أن يجيء من مصدر معروف.

تلك بعض المناظر التي تجلت بها السيدة العذراء علي وفي قباب الكنيسة المدشنة باسمها في ضاحية الزيتون، والظواهر الروحانية المصاحبة لتلك التجليات. وكلها بشير ونذير بأحداث جليلة خطيرة في المستقبل القريب والبعيد. ولعلها نفحة روحانية من السماء تشير إلى رعاية الله لكنيستنا وشعبنا وبلادنا، وعنايته بنا مما نعتز به ونفخر متهللين، وبانسحاق وندامة علي خطايانا نتوب إلى الله راجعين تائبين. ولعنا بهذه "العلامات العظيمة من السماء" (لو21:11) نكون قد دخلنا مرحلة هامة من مراحل الأيام الأخيرة وربما كانت بداية النهاية.

فلتدركنا مراحم الله. وليحفظ الرب شعبه وكنيسته، وليحطم قوة  المعاندين لنا بشفاعة ذات الشفاعات معدن الطهر والجود والبركات سيدتنا كلنا وفخر جنسنا العذراء البتول الزكية مريم، ولإلهنا المجد دائما أبديا. آمين.