6 بشنس: نياحة القديس مقاريوس الإسكندرى 

وفي مثل هذا اليوم أيضا من سنة 395م، تنيح الأب الطوباوي القديس مقاريوس الإسكندري. وهذا الأب كان معاصرا للقديس مقاريوس الكبير أب الرهبان، ولذا أطلق عليه اسم مكاريوس الصغير. وترهب في أحد الأديرة القريبة من الإسكندرية ونظرا لتزايده في النسك صار أبا ومرشدا لجميع القلالي القريبة من الإسكندرية، ولذا دعي أب جميع القلالى.

وقد قام بعبادات كثيرة وتحلى بفضائل عظيمة وباشر نسكا زائدا. .من ذلك أنه لبث مرة خمسة أيام وعقله في السماء وشغل نفسه ـ بعد أن وقفف علي حصيرته ـ بالقديسين السابقين، البطاركة والأنبياء وطغمات الملائكة والسيد المسيح والرسل ولما كملت ليلتان صارت الشياطين تخدش رجليه، ثم تعمل كالثعابين تلتف حولهما. وأظهروا نارا في القلاية، وظنوا أنه يحترق. وآخر الأمر، وبصبره، تلاشت النار والخيالات. وفي اليوم الخامس لم يستطع أن يضبط الفكر في اهتمامات العالم. وكان ذلك لكى لا يتعظم. ثم قال: "إنى بقيت في النسك خمسين سنة. ولم تكن مثل هذه الخمسة الأيام". وبعد أن قام بإدارة مدارس طالبي العماد أعتكف في سنة 335م في صحراء وادى النطرون، حيث تولى رئاسة الأديرة الكائنة في هذا الوادي، وهى التى كان يطلق عليها وقتئذ اسم القلالى.

وحدث أن سار في البرية عدة أيام في طريق غير ممهدة، وكان يغرس في الطريق قطعا من البوص لتهديه في العودة. ولما أراد الرجوع وجد الشيطان قد قلعها ليضله، فلما عطش أرسل الله له بقرة وحشية، فشرب من لبنها حتى ارتوى، إلى أن عاد إلى قلايته وأتته مرة ضبعه وبدأت تجر ثوبه، فتبعها إلى مغارتها، فأخرجت له أولادها الثلاثة فوجدها ذوات عاهات، فتعجب من فطنة الحيوان وصلى ووضع يده عليها فعادت صحيحة. وغابت الصبغة وعادت وفى فمها فروة قدمتها له، وظل يفترشها حتى وفاته. وقد أتعبته أفكارالكبرياء مرة. فدعوه إلى رومية ليشفى المرضي هناك، بدل أن يقاسوا تعب السفر إليه. فأخرج رجليه من القلاية ونام، ثم قال لأفكاره: "أذهبي أنت إن كنت تستطيعين". ولما أتعبته أفكاره، حمل علي كتفه مقطفا من الرمل وسار به إلى البرية. إلى أن تعب جسده وتركه فكر الكبرياء واستراح.

ومضى مرة إلى دير القديس باخوميوس في زي علماني، وأقام هناك مدة الأربعين المقدسة، لم ينظره أحد في أثنائها آكلا أو جالسا. بل كان في كل هذه المدة يضفر الخوص وهو واقف. فقال الأخوة للقديس باخوميوس: "أخرج عنا هذا الرجل، لأنه ليس له جسد". فقال لهم: "تأنوا قليلا حتى يكشف لنا الله أمره". فلما سأل الرب عنه، عرفه أنه مقاريوس الإسكندري. ففرحوا به فرحا عظيما وتباركوا منه. ولما رأي أن فضيلته قد اشتهرت عاد إلى ديره.

وحدث أنه لما امتنع نزول المطر بالإسكندرية استدعاه البابا البطريرك. فحين وصوله هطلت الأمطار، ولم تزل تهطل حتى طلبوا منه إيقافها. فصلى إلى الرب فامتنعت.  

وقد نفاه الملك فالنز الأريوسي إلى أحد الجزر مع القديس مقاريوس الكبير. فقاما بهداية أهلها إلى الإيمان المسيحي  وعادا إلى مقريهما. وكان يعتبر أن الفضيلة التى تعرف وتذاع عديمة الجدوى. وإذا سمع عن إنسان أنه يمارس فضيلة لم يمارسها هو لا يهدأ باله حتى يتقنها أكثر منه وقد أكمل حياته في سيرة روحية حتى وصل إلى شيخوخة صالحة وتنيح بسلام.

صلاته تكون معنا .أمين .