21 بشنس:  نياحة القديس مرتينيانوس (موطيانوس )  

وفي مثل هذا اليوم أيضا: تنيح القديس مرتينيانوس. وقد ولد هذا القديس في مدينة قيصرية فلسطين، وترهب منذ حداثته عند شيخ قديس في الجبل القريب من بلده الذى يسمى جبل السفينة. وقد أجهد نفسه بعبادات كثيرة. وأقام هناك ستا وستين سنة فذاعت فضائله، وسمعت به امرأة شريرة، فقالت لبعض المتحدثين بفضائله: "إلى متى تمجدونه وهو في برية لا ينظر وجه امرأة؟  لو نظرنى لأفسدت نسكه ونجست بتوليته." فنهروها على قولها هذا لما يعرفونه عن هذا القديس من الطهر والقداسة ولكنها راهنتهم على أن تمضى إليه وتوقعه في الخطية. ثم قامت في الحال، ووضعت حليها وملابسها الثمينة وعطورها في قطعة قماش، وارتدت زيا محتشما، وسترت وجهها وذهبت إلى مكان قريب من موضع القديس، وانتظرت حتى أمسى النهار. ثم تقدمت وقرعت بابه باكية متظاهرة بأنها ضلت الطريق، وترغب المبيت عنده حتى الصباح. فتحير القديس في أمرها، فإما أن يدعها خارجا فتأكلها الوحوش، أو يدخلها فتشتد عليه المحاربة بسببها. وأخيرا فتح لها. ومضى هو إلى مكان أخر في القلاية.

أما هى فلبست ثيابها وتزيت بحليها وتطيبت وهجمت عليه تراوده عن نفسها. فعلم أنها مصيدة من الشيطان نصبها له فقال لها: "تمهلي حتى أرى الطريق. لأن بعض الناس لهم عادة أن يأتوا إلى هنا من حين لأخر." وخرج فأضرم نارا وصار يلقى بنفسه فيها مرة بعد أخرى مخاطبا نفسه قائلا: "إن كنت لا تقدر أن تحتمل أوجاع حريق نار ضعيفة، فكيف إذن يمكنك أن تحتمل نار الجحيم." قال هذا وسقط على الأرض باكيا من شدة ألم النار التى أحرقت رجليه وأصابعه. فلما أبطأ خرجت إليه فرأته على تلك الحال. فخافت واضطربت جميع حواسها، ورجع إليها عقلها. فنزعت لباسها. وخرت عند قدميه وسألته أن يعينها علي خلاص نفسها. فبدأ يعظها ويعرفها زوال الدنيا وشهواتها. ثم أخذها إلى أحد ديارات العذارى وأوصى الأم بها. أما هى فقد عاشت في النسك والطهارة وأرضت الرب بقية حياتها. وبلغت درجة عالية من القداسة ونالت موهبة الشفاء. وأبرأت مرضى كثيرين.

أما القديس مرتينيانوس، فخاف أن يأتى إليه العدو بامرأة أخرى، فمضى إلى جزيرة وسط البحر وسكن هناك واتفق مع بحار أن يبيع له شغل يديه ويحضر له ما يقتات به، وبعد مدة حدث أن هاجت الرياح على أحد السفن، فاصطدمت بصخرة فانكسرت. فتعلقت امرأة ممن كان بها بلوح الخشب وقذفتها الأمواج إلى تلك الجزيرة. فلما رآها القديس تحير في أمرها. وأراد ترك الجزيرة. فطلبت إليه أن يرهبنها، فأجابها إلى رغبتها. ثم أعطاها ما عنده من الخبز، ورسم نفسه بعلامة الصليب، وطرح ذاته في البحر متعلقا بلوح الخشب الذى تعلقت هى به، وأسلم نفسه في يد القدير، فصارت تتقاذفه الأمواج حتى وصل إلى البر، ولم يستقر في مكان وأخذ يجول في البرارى والقفار والمدن. وقد ظل على هذا الحال مدة سنتين، حتى وصل إلى مدينة أثينا حيث اعتراه مرض الموت فاستدعى الأسقف إلى الكنيسة وعرفه قضيته. وأسلم الروح بيد الرب فكفنوه ودفنوه بإكرام

أما المرأة التى بقيت في الجزيرة، فإن البحار أخذ يتفقدها إلى أن تنيحت، فحمل جسدها إلى بلاده.

صلاة هذا البار تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.