17 بؤونة: عودة رفات القديس العظيم مارمرقس إلى الكاتدرائية المرقسية الجديدة 

في مثل هذا اليوم من سنة 1684 للشهداء الأطهار الموافق الاثنين 24 من شهر يونية سنة 1968 لميلاد المسيح، وفي السنة العاشرة لحبرية البابا كيرلس السادس وهو البابا المائة والسادس عشر من سلسلة باباوات الكرسي الإسكندري عاد إلى القاهرة رفات القديس العظيم ناظر الإله الإنجيلي مار مرقس الرسول كاروز الديار المصرية والبطريرك الأول من بطاركة الإسكندرية. وكان البابا كيرلس السادس قد انتدب وفدا رسميا للسفر إلى روما لتسلم رفات القديس مرقس الرسول من البابا بولس السادس، وتألف الوفد البابوي من عشرة من المطارنة والأساقفة بينهم ثلاثة من المطارنة الأثيوبيين  ومن ثلاثة من كبار أراخنة القبط

أما المطارنة والأساقفة فهم حسب أقدمية الرسامة: الأنبا مرقس مطران كرسي أبو تيج وطهطا وطما وتوابعها. ورئيس الوفد، الأنبا ميخائيل مطران كرسي أسيوط وتوابعها، الأنبا أنطونيوس مطران كرسي سوهاج والمنشاة وتوابعهما، والأنبا بطرس مطران كرسي  تيجرى وتوابعها بأثيوبيا، والأنبا لوكاس مطران كرسي أروسى وتوابعها بأثيوبيا، والأنبا بطرس مطران كرسي جوندار وتوابعها بأثيوبيا، والأنبا دوماديوس أسقف كرسي الجيزة وتوابعها، والأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي، والأنبا بولس أسقف حلوان وتوابعها.

وطار الوفد البابوي الإسكندري إلى روما في يوم الخميس 13 بؤونة سنة 1684 الموافق 30 من يونية سنة 1968 في طائرة خاصة أقلتهم ومعهم نحو 90 قبطيا من المرافقين، كان من بينهم سبعة من الكهنة. وفي الساعة الثانية عشرة من يوم السبت الموافق 15 من بؤونة الموافق 22 من يونية ذهب الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية في موكب رسمي إلى القصر البابوي بمدينة الفاتيكان  وقابلوا البابا بولس وتسلموا منه الرفات المقدس في حفل رسمي كان يجلله الوقار الديني ويتسم بالخشوع والتقوى ولقد كانت لحظة تسلم الرفات المقدس بعد أحد عشر قرنا كان فيها جسد ما رمرقس محفوظا في مدينة  البندقية (فينسيا )بإيطاليا، لحظة رهيبة بقدر ما هي سعيدة.

وفي اليوم التالي وهو الأحد 16 بؤونة الموافق 23 يونية أقام الوفد البابوي السكندري قداسا حبريا احتفاليا بكنيسة القديس أثناسيوس الرسولي بروما خدم فيه جميع المطارنة والأساقفة العشرة والكهنة المرافقون وقد حضر أعضاء البعثة البابوية الرومانية وجميع المرافقين من القبط وعدد كبير من الأقباط المقيمين بروما ومن الأجانب ومندوبي الصحف ووكالات الأنباء. وكان قداسا رائعا رفع بروحانية عميقة. وبعد قراءة الإنجيل حمل المطارنة والأساقفة صندوق الرفات بحسب ترتيب أقدمية الرسامة وكان الكهنة والشمامسة يرتلون الألحان المناسبة.

وعاد الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية يحملون الرفات المقدس في يوم الاثنين في موكب رسمي تتقدمه الدرجات البخارية إلى المطار. ومن هناك استقلوا طائرة خاصة قامت خصيصا من القاهرة ووصلت إليها في العاشرة والنصف من مساء اليوم نفسه. وكان البابا كيرلس في انتظار وصول الرفات وكان يصحبه مار اغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وعدد كبير من المطارنة والأساقفة الأقباط والأجانب، ورؤساء الطوائف والأديان مصريين وأجانب. وألوف من أفراد الشعب مسيحيين ومسلمين، يرتلون وينشدون أحلى الأناشيد الدينية. وكان المطار كله يدوى بالترانيم. وعندما رست الطائرة صعد البابا إلى سلم الطائرة وتسلم من يد رئيس الوفد الصندوق الثمين الذي يحمل رفات مار مرقس الرسول. وفي هذه اللحظة رأى الكثيرون وخاصة المطلون من شرفات المطار ثلاث حمامات بيضاء ناصعة البياض حلقت فوق الطائرة. ولما كان الحمام لا يطير في هذا الوقت من الليل فلم يكن هذا إذن بحمام عادى. ولعله أرواح القديسين ترحب برفات القديس العظيم مارمرقس.

ونزل البابا كيرلس يحمل صندوق الرفات علي كتفيه بين ترتيل الشمامسة ويتبعه موكب ضخم من كتل بشرية تعد بالألوف يرنمون مع الشمامسة فرحين مهللين حتى أن رئيس البعثة البابوية الرومانية ذهل من تلك المظاهرة الدينية الكبيرة، وأعرب عن تأثرة البالغ بتدين الأقباط وعظيم إجلالهم وإكبارهم  للقديس مرقس، وقال أن ما رآه فاق كل تقديره، فما كان يتوقع بتاتا أن يكون استقبال رفات مار مرقس بهذه الحماسة الروحية البالغة، خاصة وأن الجماهير ظلت منتظرة بالمطار منذ الخامسة مساء ـ حيث كان مقررا وصول الطائرة ـ إلى الساعة الحادية عشرة مساء أو يزيد.

وعاد البابا في سيارته ومعه صندوق الرفات إلى الكاتدرائية المرقسية الكبرى القديمة بالأزبكية ووضع الصندوق علي المذبح الكبير المدشن باسم مار مرقس الرسول وظل الصندوق هناك إلى اليوم الثالث لوصوله. وفي صباح يوم الأربعاء 19 بؤونة الموافق26 يونيه في نحو السادسة صباحا حمل البابا صندوق الرفات وأتى به في سيارته الخاصة إلى دير الأنبا رويس الذي كان يعرف بدير الخندق، والقائمة علي أرضه الكاتدرائية المرقسية الجديدة التى افتتحها البابا كيرلس بحضور الرئيس جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية، والإمبراطور هيلاسلاسى الأول إمبراطور أثيوبيا في اليوم السابق مباشرة وأعنى به الثلاثاء 18بؤونه الموافق 25  يونية. وقد وضع البابا رفات مار مرقس علي مائدة في منتصف شرقية هيكل الكاتدرائية الجديدة. وظل كذلك طوال مدة القداس الحبرى الحافل الذى رأسه البابا كيرلس السادس واشترك معه البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وعدد من مطارنة السريان والهنود والأرمن الأرثوذكس. وحضر القداس الإلهي جلالة هيلاسلاسى الأول إمبراطور أثيوبيا وعدد كبير من رؤساء الأديان ومندوبي الكنائس والطوائف من مختلف بلاد العالم وعدد من أفراد الشعب يزيد علي سته آلاف نسمة. وبعد القداس نزل البابا في موكب رسمي يحمل صندوق الرفات إلى المزار الجميل المعد له تحت الهيكل الكبير. ووضع الصندوق في جسم المذبح الرخامي القائم في وسط المزار وغطى بغطاء رخامي ومن فوقه مائدة المذبح. وأنشدت فرق مختلفة ألحانا مناسبة تحية لمار مرقس. بسبع لغات مختلفة أي القبطية، والأثيوبية، والسريانية، والأرمنية، واليونانية، واللاتينية، والعربية، وكان يوما سعيدا من أسعد الأيام التى شهدتها مصر، وكنيسة الإسكندرية والكرازة المرقسية.

بركة مارمرقس الرسول تشمل الجميع. أمين.