3 أبيب: نياحة البابا القديس كيرلس الأول البطريرك الرابع والعشرين من باباوات الكرازة المرقسية 

في هذا اليوم من سنة 160ش (27 يونية سنة 444م) تنيح الأب العظيم عمود الدين ومصباح الكنيسة الأرثوذكسية القديس كيرلس الأول البابا الإسكندري والبطريرك الرابع والعشرون.

كان هذا القديس ابن أخت البابا ثاوفيلس البطريرك ال 23، وتربي عند خاله في مدرسة الإسكندرية، وتثقف بعلومها اللاهوتية والفلسفية اللازمة للدفاع عن الدين المسيحى والإيمان الأرثوذكسى القويم. وبعد أن نال القسط الوافر من هذه العلوم، أرسله خاله إلى دير القديس مقار في البرية. فتتلمذ هناك على يد شيخ فاضل اسمه صرابامون، وقرأ له سائر الكتب الكنسية، وأقوال الآباء الأطهار، وروض عقله بممارسة أعمال التقوى والفضيلة مدة من الزمان.

ثم بعد أن قضى في البرية خمس سنوات، أرسله البابا ثاوفيلس إلى الأب سرابيون الأسقف الفاضل، فازداد حكمة وعلماً وتدرب علي التقوى والفضيلة. وبعد ذلك أعاده الأسقف إلى الإسكندرية ، ففرح به خاله كثيراً، ورسمه شماساً، وعينه واعظاً في الكنيسة الكاتدرائية وجعله كاتبا له. فكان إذا وعظ كيرلس، تملك قلوب سامعيه ببلاغته وفصاحته وقوة تأثيره، ومنذ ذلك الحين اشتهر بكثرة علمه وعظم تقواه وقوة تأثيره، ومنذ ذلك الحين اشتهر بكثرة علمه وعظم تقواه وقوة تأثيرة في تعليمه.

ولما تنيح خاله البابا ثاوفيلس في 18 بابه سنة 128 ش ( 15 أكتوبر سنة 412م)، أجلسوا هذا الأب موضعه في 20 بابه سنة 128ش (17 أكتوبر سنة 412م )، فاستضاءت الكنيسة بعلومه، ووجه عنايته لمناهضة العبادة الوثنية، والدفاع عن الدين المسيحى. وبدأ يرد علي مفتريات الإمبراطور يوليانوس الكافر في مصنفاته العشرة، التى كانت موضع فخر الشباب الوثنيين، بزعم أنها هدمت أركان الدين المسيحى. فقام البابا كيرلس بتفنيدها بأدلته الساطعة وبراهينه القاطعة وأقواله المقنعة، وطفق يقاوم أصحاب البدع حتى تمكن من قفل كنائسهم والاستيلاء علي أوانيها ثم أمر بطرد اليهود من الإسكندرية، فقام قتال وشغب بين اليهود والنصارى. وتسبب عن ذلك اتساع النزاع بين الوالي وهذا القديس العظيم، الذي قضت عليه شدة تمسكه بالآداب المسيحية وتعاليمها، أن يقوم بنفسه بطلب الصلح مع الوالي الذى رفض قبول الصلح. ولذلك طال النزاع بينهما زمانا.

ولما ظهرت بدعة نسطور بطريرك القسطنطينية، الذى تولى الكرسي في سنة 428م، وفي أيام الإمبراطور تيودوسيوس الثانى الذى أنكر أن العذراء هى والدة الإله. اجتمع لأجله مجمع مسكوني مكون من مائتي أسقف بمدينة أفسس، في عهد الإمبراطور تيودوسيوس الثانى الشهير بالصغير، فرأس القديس كيرلس بابا الإسكندرية هذا المجمع، وناقش نسطور، وأظهر له كفره، وهدده بالحرم والإقصاء علي كرسيه إن لم يرجع عن رأيه الفاسد، وكتب حينئذ الأثنى عشر فصلا عن الإيمان المستقيم، مفنداً ضلال نسطور. وقد خالفه في ذلك الأنبا يوحنا بطريرك إنطاكية، وبعض الأساقفة الشرقيين منتصرين لنسطور، ولكنهم عادوا إلى الوفاق بعد ذلك، وانتصر كيرلس على خصوم الكنيسة. وقد وضع كثيرا من المقالات والرسائل القيمة مثبتا فيها "أن الله الكلمة طبيعة واحدة ومشيئة واحدة وأقنوم واحد متجسد." وحرم كل من يفرق المسيح، أو يخرج عن هذا الرأي. ونفى الإمبراطور نسطور في سنة 435م إلى البلاد المصرية، وأقام في أخميم حتى توفي في سنة 440م .

ومن أعمال البابا كيرلس الخالدة، شرح الأسفار المقدسة. ولما أكمل سعيه مرض قليلاً وتنيح بسلام، بعد أن أقام علي الكرسي الإسكندري إحدى وثلاثين سنة وثمانية شهور وعشرة أيام.

صلاته تكون معنا. أمين.