11 أبيب: القديس بامو

عن كتاب: الرهبنة القبطية للأب متى المسكين 

القديس بامو أو بامبونيوس باليونانية ويُنطق ويُكتب خطأ "بموا". من أكثر القديسين شهرة فى كل برارى مصر. ولد هذا القديس فى أوائل القرن الرابع مع القديس مقاريوس تقريباً، وتنيح عن سبعين عاماً. وكانت نياحته فى وجود ميلانيا القديسة الأسبانية صديقة القديسين حوالى سنة 37م.، وإن كان من الأمور المتيقنة أنه رأى ثاؤفيلس البطريرك 23 الذى رُسم سنة 385م. وكان اعتزاله العالم والتجاؤه إلى نتريا فى زمن مبكر من حياته. والمعتقد أنه من أوائل من لازموا آمون الكبير فى نتريا. ويضعه روفينوس مع تلاميذ أنطونيوس الكبير أيضاً. ويحكى لنا سقراط طرائف فى حياة بامو الأولى عن بساطته الحكيمة وعن أُميته الفيلسوفية فيقول: [ولما كان بامو لايعرف القراءة والكتابة، فقد اتفق مع أحد الأخوة أن يعلمه المزامير (غيباً)، فكان الدرس الأول حفظ المزمور 39 الذى يبدأ هكذا: "أنا قلت إنى أتحفظ فى طرقى حتى لا أخطئ إليك بلسانى". فما أن سمع بامو هذا القول حتى قال لرفيقه: "قبل أن أتعلم المزيد يحسن بى أن أعتزل قليلاً حتى أضع هذا القول موضع التنفيذ"!..ولما انقضت ستة أشهر ولم يحضر بامو للإستزادة من الحفظ والتعلم، ذهب إليه رفيقه يستخبره الأمر فى عدم عودته إليه. فقال لـه بامو: "لأنى لم أتعلم بعد أن أعمل وفق هذا القول الذى سمعته"].

وقد عُرف عن بامو تمسكه بفضيلة الصمت تمسكاً يفوق كل اهتمام آخر، فقد حدث لما زار ثاوفيلس البطريرك 23 نتريا أن سبق الأخوة وذهبوا إلى بامو وتوسلوا إليه أن يتحدث مع البطريرك، فما كان منه إلا أن قال لهم: "إذا لم ينتفع بصمتى فلن ينتفع بكلامى".

وبالرغم من أن بامو بدأ حياته لا يعرف القراءة والكتابة إلا أنه يُظن أنه أتقنها فى وحدته، فقد قدموه كاهناً سنة 340م.، وقد سبق القديس مقاريوس فى ذلك بمدة وجيزة، لأن مقاريوس رُسم فى هذه السنة أيضاً. وهذا يشير إلى قدم رهبانيته التى تُماثل القديس مقاريوس أو تزيد. وكان القديس مقاريوس معتاداً أن يذهب إلى نتريا لكى يحضر الكنيسة ويتناول من يديه قبل أن يكون فى الإسقيط كنائس. وذُكر مرة: "أنه ذهب من شيهيت إلى نتريا حتى يحضر تقدمة بامو". ويذكر دائماً مع بيهور الذى يصفوه أنه "خادم أمين لله، نال نعمة الشفاء من الله. وأنه من أشهر شيوخ "كهنة" نتريا سنة 355م." وروفينوس يصفه بأنه فى مصاف مقاريوس ومع إسيذوروس كواحد من كبار آباء نتريا. وجيروم يكتب إلى يستوخيوم عن بامو أنه أحد ثلاثة يمثلون المجمع الأعلى للحكم: مقاريوس واسيذوروس وبامو. ومعروف أن بامو كانت لـه مكانة عظيمة عند القديس أثناسيوس، وقد استدعاه إلى الإسكندرية ليقوم بدور أنطونيوس ضد الأريوسيين، وهو الذى "بكى عندما رأى امرأة فاسدة فى شوارع الإسكندرية، فلما استخبروه عن السبب قال: أبكى عليها وعلى حالى، عليها لأنها ماتت، وعلى نفسى لأنى لا أملك الغيرة على إرضاء الرب كما لهذه المرأة لإرضاء الأشرار".

وكان لبامو تأثير روحى وناموسى عالى على كل إخوة نتريا وشيهيت والكل، فقد اقنع الرهبان جميعاً أن يقدم كل واحد منهم أردباً من القمح سنوياً برسم المحتاجين.

والمعروف أن سلوك بامو وأقواله وحياته كانت بحد ذاتها على مستوى الشرع والناموس الذى يُقتدى به فى نتريا وكل شيهيت. فهو الذى وضع ناموس الفقر الاختيارى فى ملبس الراهب، وجعل حده: "أنه إذا ترك الراهب ملابسه خارج قلايته ثلاثة أيام، لعاف أى لص عن أن يمد يده إليها". وحتى اليوم يوجد فى كل دير من يعشق مبدأ بامو.

ولقد ظل الأب اسحق قس القلالى يوبخ الرهبان بعد ذلك بسبب جنوحهم ناحية التأنق فى الملبس.

وكان بامو يعشق الاتضاع، والمعروف عنه أنه ظل يصلى بدموع ثلاث سنوات حتى لا يُمجده الله على الأرض!! [ولكن الله مجده فى اتضاعه حتى أنه ما كان أحد يستطيع أن ينظر إلى وجهه بسبب الهيبة والجلال اللذين كانا يشعان من وجهه]. وقد حكى الأنبا بيمن أن الأب الكبير أنطونيوس قال عن هذا القديس بامو: "إن المخافة التى فيه جعلت الروح القدس يرتاح فى الوجود معه".

وقد شهد لـه الأنبا بيمن بثلاث فضائل لم يتخل عنها: الصوم الدائم حتى الغروب، الصمت، والعمل المتواصل.

والمأثور عن بامو أنه عند لحظة موته والآباء مجتمعون حوله، أنه نظر إليهم وقال: "منذ أن أتيت إلى هذا الموضع وبنيت هذه القلاية لا أذكر أبداً أنى أكلت خبزاً من غير عرق جبينى، ولم أندم قط على كلمة قلتها، وبالرغم من ذلك فإنى ذاهب إلى الرب بإحساس إنسان لم يبدأ بعد جهاد الفضيلة".

بركة صلواته تكون معنا آمين.

 بامو هو بامبو أو بامبونيوس باليونانية، بالقبطى Pamw