28 مسرى: تذكار الآباء القديسين إبراهيم واسحق ويعقوب

في هذا اليوم نعيد لآبائنا القديسين إبراهيم واسحق ويعقوب أما عن أبينا إبراهيم، فمن من البشر يستطيع أن يصف فضائله. هذا الذي صار أبا لأمم كثيرة. وآمن بالله ، وأطاع وصدق مواعيده ولم يشك فيها. فقد ظهر له الرب في رؤيا الليل وقال له: "أخرج من أرضك ومن بيت أبيك وتعال إلى الأرض التي بحاران". ثم ظهر له الرب في شبه ثلاثة رجال فظنهم أناسا عابدين وأضافهما. ووعده الله بولادة اسحق، وكان حينئذ ابن مائة سنة، وسارة زوجته تقدمت في أيامها. فآمن الاثنان بقول الله . ولما ولد اسحق ختنه أبوه في اليوم الثامن لولادته. ومع أنه كان واثقاً من أن بنسله تتبارك جميع أمم الأرض فقد قال له الله علي سبيل الامتحان: "خذ ابنك وحيك الذي تحبه اسحق وقدمه لي محرقة." فلم يشك في قوله تعالى بل قدمه للذبح واثقا أن الله قادرا أن يقيمه ويقيم به النسل. ولما أكمل ذبحه بالنية، أظهر الله فضله للأجيال الآتية بقوله له: "بذاتي أقسمت يقول الرب: أنى من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك ابنك وحيدك. أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثير كنجوم السماء." وقد تم له ذلك ودعى أبا للمسيح بالجسد. وبعد أن بلغ عمره مائة وخمسا وسبعين سنة انتقل بسلام .

صلاته تكون معنا. آمين.

أما أبونا اسحق فقد ولد بوعد إلهى وكمل في البر والطاعة لله ولأبيه، حتى رضى أن يذبحه قربانا لله ، وهو ابن الوعد الذي رزق به أبوه وعمره مائة سنة. ولم يكن اسحق صغيراً لأن الكتاب يقول: "أنه حمل الحطب مسافة بعيدة إلى أن صعد علي رأس الجبل." ويقول بعض المؤرخين أن عمره وقتئذ كان يبلغ سبعا وثلاثين سنة، فأطاع أباه ومد عنقه للذبح إلى أن أمر الملاك أباه برفع يده. فكما دعي أبوه ذابح ابنه بالنية هكذا دعي هو أيضا ذبيحا بالنية. وقد قاسى شدائد كثيرة وأحزان، وتغرب ورزقه الله ولدين هما يعقوب وعيسو. وكان اسحق يحب عيسو لشجاعته. ولما شاخ وضعف بصره استدعى عيسو وقال له: "أنا قد شخت ياأبني ولست أعرف يوم وفاتي. أذهب تصيد لي صيداً واصنع لي طعاما لآكل وتباركك  نفسي." وكانت رفقة تسمع هذا الكلام فاستدعت ابنها يعقوب وقالت له: "ياأبني اذبح صيدا وقدمه لأبيك ليأكل ويباركك، قبل أن يموت." فقال يعقوب لأمه: "هوذا عيسو أخي رجل أشعر وأنا أملس. ربما يحسبني أبى فأكون في عينيه كمتهاون وأجلب علي نفسي لعنه لا بركه." فقالت له أمه: "لعنتك علي يا أبني." وكان هذا منها بإيعاز إلهى. فصنع يعقوب ما أمرته به، وأكل أبوه وباركه. ولما بلغ عمره مائة وثمانين سنة تنيح بسلام.

صلاته  تكون معنا. أمين. 

أما أب الأسباط يعقوب. فقد دعاه الله إسرائيل. كان أخوه عيسو يبغضه لأنه أخذ بركة أبيه، ولهذا خاف منه، ومضى إلى لابان خاله ورعى له غنمه سبع سنين فزوجه ابنته ليئه، ثم رعى الغنم سبع سنين أخرى فزوجه ابنته الثانية راحيل. وكان إذا قال له: "إن أجرتك كل الغنم الرقطاء ولدت الغنم رقطاء." وإذا قال له: "إن أجرتك كل الغنم المخططة، ولدت الغنم مخططة." وقد أغناه الله جداً، وعاد لامرأتيه ليئه وراحيل ورزقه الله أثنى عشر ابنا، ورأى الله وجها لوجه، وصارعه حتى طلوع الفجر، ودعاه الله إسرائيل، وقد قاسى أحزانا وشدائد كثيرة مثل بيع ابنه يوسف كعبد للمصريين، وفقد بصره، وحدوث الغلاء الشديد، وغير ذلك كما جاء بالكتاب المقدس. ثم صار ابنه يوسف وزيرا لملك مصر، وسعى حتى أحضره إليه، فأقام بمصر سبع عشرة سنة. ولما دنت أيام وفاته استدعى بنيه الأثنى عشر وباركهم، وخص يهوذا بالملك وقال: أن السيد المسيح سيظهر من نسله. وبعد أن أوصى أن يدفن في مقبرة آبائه. وحمله يوسف علي مركبة فرعون، وأتى به إلى أرض كنعان حيث دفن مع آبائه.

صلواتهم تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.